والخلاصة أن القاعدة: أنه كلما جاء الاسم منصوباً بعد ما يقتضي التعجب فإنه يكون تمييزاً.
قال المؤلف: (واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد).
اجرر: فعل أمر.
بمن: جار ومجرور متعلق به.
إن شئت: إن: شرطية، وشئت: فعل الشرط، والتاء فاعله.
غير: مفعول اجرر.
ذي: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء.
العدد: مضاف إليه مجرور.
وجواب الشرط فيه رأيان: رأي أنه محذوف دل عليه ما قبله والتقدير: واجرر بمن إن شئت فاجرره.
والرأي الثاني: أنه لا يحتاج في مثل هذا التركيب إلى جواب، والرأي الأخير أصح، لأنه أوضح في المعنى وأسلم في التقدير.
وقوله: (غير ذي العدد) أي: غير تمييز ذي العدد، أي التمييز الذي ليس تمييز عدد يجوز جره بمن، وتمييز العدد لا يجر بمن.
ومعنى البيت: واجرر غير الفاعل في المعنى من التمييز إن شئت، لا إن كان تمييز عدد.
والتمييز الفاعل في المعنى هو ما تقدم في قوله: (والفاعل المعنى انصبن بأفعلا مفضلاً) فالفاعل المعنى لا يجر بمن، فلا تقول: أنا أكثر منك من مالٍ، بل تقول: أنا أكثر منك مالاً، وتقول: أنا أقوى منك جسداً، ولا تقول: أنا أقوى منك من جسد.
وبقية التمييزات يجوز جرها بمن.
إذاً: القاعدة: كل تمييز فإنه يجوز جره بمن إلا اثنين، وهما: تمييز العدد، والفاعل المعنى.
ومثل المؤلف للتمييز الفاعل في المعنى بقوله: (طب نفساً)، فطب: فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت.
ونفساً: تمييز محول عن الفاعل، وأصله: طابت نفسك، ولا يجوز أن تقول: طب من نفس! وقوله: (تُفد)، أي: تعط الفائدة.
أمثلة: اشتريت شبراً أرضاً.
ويجوز: شبراً من أرض، ويجوز وجه ثالث: شبر أرض، كما سبق في قوله: (وبعد ذي وشبهها اجرره إذا إلخ).
وتقول: لله درُّه فارساً.
ويجوز: لله درُّه من فارس! وتقول: عندي عشرون كتاباً.
ولا يجوز: عندي عشرون من كتابٍ! لكن يجوز أن تقول: عندي عشرون من الكتب، وحينئذ لا يكون تمييزاً؛ لأن تمييز العدد يكون مفرداً.
وتقول مثلاً: أكل الرجل منوين تمراً.
ويجوز: منوي تمرٍ، بالإضافة؛ لأن ذلك ليس بعدد.