قوله: (والفاعل المعنى انصبن بأفعلا مفضلاً كأنت أعلى منزلا) الفاعل المعنى: مفعول لانصبن مقدم.
يعني: الفاعل في المعنى.
انصبن: فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة.
وقوله: (انصبن بأفعلا مفضلاً) يعني: قاصداً التفضيل؛ إما تفضيل زيد على زيد، أو تفضيل حاله على حاله وما أشبه ذلك.
والمعنى أنه إذا وقع التمييز بعد اسم التفضيل وهو فاعل في المعنى فانصبن.
فقوله: (أنت أعلى منزلا) أصله: أنت علا منزلك، فتجد أن (أعلى) يقوم مقامه (علا)، و (منزلاً) يقوم مقامه الفاعل، فمنزل إذاً فاعل في المعنى.
أما نحو: زيد أفضل رجل، فلا نقول إن (رجل) هذا ينصب على التمييز؛ لأنه ليس فاعلاً في المعنى.
والحاصل أن كل اسم يقع بعد أفعل التفضيل فإن كان فاعلاً في المعنى نصب تمييزاً، وإلا وجب جره بالإضافة.
تقول مثلاً: أنا أكثر منك مالاً، أي: كثر مالي على مالك.
وأعز نفراً: عز نفري على نفرك.
إذا قلت: فلان أكرم رجل، فليس رجل فاعلاً في المعنى، لأنه لا يصلح أن نقول: فلان كرُم رجل، إذاً يجب جره بالإضافة فتقول: أكرمُ رجلٍ.
وتقول: المؤذنون أطول الناس أعناقاً، أعناقاً: تمييز؛ لأن أصله: طالت أعناقهم، فإذاً هو فاعل في المعنى.
تقول مثلاً: فلان أسلمُ قلباً، قلباً: تمييز، والمعنى: سلم قلبه، وتقول: قلب فلانٌ أسلم قلبٍ، ولا يصلح أن نقول: قلب فلانٌ أسلمُ قلباً؛ لأن القلب هو القلب، إذاً: فيجب جره بالإضافة.
والحاصل من هذا البيت أنه إذا وقع بعد اسم التفضيل اسم محول عن الفاعل في المعنى وجب نصبه على التمييز، وإن لم يكن فاعلاً في المعنى وجب جره بالإضافة، والله أعلم.