ثم قال: «زعم الخليل -رحمه الله- أن مثل ذلك قوله تعالى: / {أَلَم يَعْلَمُوا أَنّه مَنْ يحادِدِ الله وَرَسُولَه فَأَنّ له نار جَهَنّم}. فظاهر هذا الحملُ على التكرير/ قال السيرافي: «ولو لم تكن مكرّرة لكسرت، لأنها في موضع ابتداءٍ بعد الفاء». فإذا كان كذلك لم يكن في فتحها بعد الفاء في هذه المواضع شاهد على فتحتها بعد الفاء مطلقا، ولا بُدّ أن يثبت من كلام العرب مثل: من تكْرِمُنِى فَأَنى أكرمُه. وهذا ربما لا تجده، وإذا كان معدوما كان الناظم غير صحيح، لاقتضائه جواز: من يكرمني فَأَنى أكرمه.
فالجواب: أن الناظم جرى في هذا الكلام على طريقة (أبى) الحسن الأخفش في الآية، من تعيين الاحتمال الأول، أن يكون ما بعد الفاء محمولًا على الابتداء والخبر، كما مَرّ تفسيرُه، وتكون هذه الآيات مثل قول الله تعالى: {والّذِين كَسبُوا السيئاتِ جزاءُ سيِّئةٍ بِمثْلِها} تقديره: أمرهم جزاءُ سَيِّئةٍ، أو جزاؤهم. وكذلك قوله: {قلنا: ياذا القَرْنَينِ إِمّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمّا أَنْ تَتَّخِذِ فِيهِمْ حُسْنًا}، أى: إمّا أمرُهم كذا وإمّا أمرُهم كذا. وهو في الكلام كثير. وهذا الذى قاله الأخفش ارتضاه ابن خروف، وقال: إذا حُمِل على هذا صلح الفظ والمعنى، قال: ولا وجه للتأكيد في الآية ولا للبدل. وتأوّل كلام سيبويه على هذا المعنى، وأنّ قوله: «وزعم