الخليلِ أنّ مثل ذلك» يريدُ به مثل قوله: قد علمت زيدًا أبوه خيرٌ منك، وقد رأيت زيدًا يقول أبوه ذلك -قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا} .. الآية، يشير إلى المسائل التى يبتدأ فيها، لا إلى أنها على التأكيد ولا البدل. فعلى هذه الطريقة تكون الآياتُ شواهِدَ على جواز نحو: من يكرمني فأنّى أكرمه، على معنى: فأمرى أنّى أكرمه، وفَلَهُ أنّى أكرمه، أو ما أشبه ذلك. ويظهر أَنّ هذه الطريقة أولى، لوجود نظائرها في كلام العرب، ولأنّ البدل والتأكيد لا يكونان جوابا، وقد وقع ذلك الجواب على الطريقة الأخرى. فما ارتض الناظم أحسنُ في القياس الصناعىّ، وبه يصحّ الإطلاق في القاعدة.
ثم قال: «وذا يَطِّردُ»، ذا: إشارة إلى الحكم المذكور، وهو جواز الوجهين في إنّ، ويطرد معناه: يجرى قياسًا لا ينكسر، وأصله من قولهم: اطّرد الخبرِ أو الشرّ: إذا اتَبِع بعضُه بعضًا، وجرى من غير تَوَقُّفٍ، وقولهم: اطرد الأمر: إذا جرى واستقام. واطّرد النهر: جرى.
يقول: وهذا الحكم يجرى فيما [كان] نحو قولهم: خير القول إنّى أحمدُ، وهو الرابع من مواضع جواز الوجهين، فيجوز، فيجوز لك في إنّ الفتح فتقول: خيرُ القولِ أَنى أحمدُ الله، على تقدير المصور، أى: خيرُ القول حمدُ الله. ويصدق في هذا الوجه على كلِّ حمد، بأىّ عبارةٍ كان. ويجوز الكسر فتقول: خير القول إني أحمد الله، على تقدير: خير القولِ هذا القولُ المعيّن المفتتح بإنى. فهو في التقدير على ما هو في اللفظ ولا تصدقُ هذه العبارة إلا على الحمد بهذا اللفظ المذكور. ومثلُ ذلك ما مثّل به سيبويه حيث قال: «وتقول: أول ما