إليه فَنُمِي مَبْني من أحد الفعلين.
ثم قال: «مَعْ تِلْوِ فَا الجَزَا». هذا هو الموضع الثالث من مواضع جواز الوجهين في إنّ. وذلك إذا كان تِلْوًا -أي: تاليًا- لفاء الجزاء، وفاء الجزاء هي الواقعة في جواب الشرط.
ومع: متعلقة باسم فاعل محذوف هو حال من الضمير في نُمِى، أى: نُقِل إن بوجهين حالة كونه مصاحبًا إن التالى فاء الجزاء. ويريد مصاحبته في الحكم بجواز الوجهين.
يعنى أَنّ إِنّ إذا وقعت بعد فاء الجزاء فإن للعرب فيها وجهين أيضا: الكسر والفتح. فالكسر نحو قول الله تعالى: {إنّه مَنْ يَتّقِ ويَصبِر فإنّ الله لا يُضِيعُ أَجْر المُحْسِنينَ}، وقال سبحانه: {إِنْ تَكْفُروا فَإِنّ اللهَ غَنِىٌّ عَنْكُمْ}. وهو كثير. وأما الفتح فنحو قوله: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنّهُ مَن يحادِدِ اللهَ ورَسُولَهُ فَأَنّ له نارَ جَهَنّم} .. الآية. وقال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنّه من تَولّاهُ فأَنّهُ يُضِلُّه} .. الآية.
ومما قُرِئَ بالوجهين قولُ الله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكم عَلَى نَفْسهِ الرَّحْمَة أَنّه من عَمِل منكم سُوءًا بِجَهالةٍ ثمّ تاب من بَعْدِه وأصلح فأَنّه غفورٌ رحيمٌ}. فقرأ