فالخبرُ إِذا لم يرتفع بالحروف -ولا بُدّ له رافع- فلا يخلو أن يكون المبتدأ أو غيره، فإن كان المبتدأ لم يَصِحّ لأنه الآن غير مبتدأ. فإن: إن الأصل فيه المبتدأ، والأصل معتبر، لزمهم أن يُعِمِلُوا الخبر في المبتدأ من تلك الجهة، أو الضمير من الخبر، وذلك لا يصحّ.
فإن قيل: إن الخبر إنما يعملُ في المبتدأ بشرط ألا يكون عامِلٌ آخَرُ.
قيل لهم: وكذلكَ دعى أنّ المبتدأ لا يعمل في الخبر إلا بشرط أن يكون العاملُ في المبتدأِ الابتداءُ. فجوابُهم على هذا نُجِيب به على ما قالوه.
فإن قيل: إنّ هذه الحروفَ إنّما عملت بالشّبَه اتفاقًا، وإذا كان كذلك فينبغي ألّا تعمل في الخبر، لأن ذلك يؤدّى إلى التسوية بين الأصل الذى هو الفعل، والفرع الذى هو الحرف.
فالجواب: أن الشبه هو الذى يقتضى العمل في الأمرين، وضعفُ الفرع موجود في جهة أخرى، وذلك في منع تقدّم مرفوعها على منصوبها وغير ذلك من الأحكام.
وهنا أدلّة أُخَرُ من الجانبين يكفى هذا منها.
والثانية: أن الناظم من حيث قَصَر هذه الحروفَ على عمل الرفع في الخبر مع نصب المبتدأ، دلّ ذلك على مخالفته لمن أجاز في الخبر النصب، فأما الفراءُ فأجاز نصب خبر ليت وحدها، ووافقه الكسائى على ذلك فيما أنشدوه من