السماع.

ولما ظهر من كلامه أن هذه الأحرف تنصب الاسم وترفع الخبر، ظهرت مخالفته للكوفيين في مسألتين:

إحداهما: ما زعموه من أن هذه الأحرف لا ترفع الخبر البتة، وإنما اقتصر بها على عمل النصب. والدليل على صحة ما قاله الناظم أنا لم نجد في عوامل الأسماء ما يعمل نصبًا دون رفعٍ البتةَ، وقد وجدنا عمل الجرّ وحده، وذلك حروف الجرّ، وما يعمل الرفع وحده، وذلك الابتداء والمبتدأ، أو الخبر، العائد على المبتدأ؛ فقولُ من قال: إن هذه الأحرف تعمل النصب وحده -مُصَيّرٌ إلى ما لا نظير. وهذا أبعد من قولهم في «ما»: إِنّها تعملُ الرفع فقط؛ لأنّ لما قالوه هناك نظيرًا بخلاف.

فإن قيل: إن لهذا نظيرًا أيضًا على مذهبكم، وذلك المنادى، فإنه منصوب بيا وأخواتها، وكذلك التى لنفي الجنس عند سيبويه، هى ناصبةٌ غير رافعة.

فالجواب: أن المنادى ليس بمنصوب بيا لا عندكم ولا عندنا، أما عندكم فهو منصوبٌ للكثرة استعمال، وأما عندنا فبفعل مُقَدّر. فالاتفاقُ على أن حرف النداء غير ناصب. وأما لا فإن الاقتصار بها على النصب مذهبًا لكم فالصحيح عند الناظم خلافُه، وإن لم يكن مذهبا لكم فبناؤكم عليه صحيح؛ / فإن القياسَ على أصل يُعتَقَدْ فسادُه فاسدٌ. وأيضًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015