فَلَجّ، كأني كنتُ باللوم مُغْرِيا
وقوله: «كذا جعلتُ وأخذتُ وعلقُ». يعنى أنها مثل ما تقدّم من أفعال الشروع في المعنى والحكم المذكور.
ثم ذكْر ما تصرّف منها وما لم يتصرف، خوفًا أن تحمل كلُّها محملًا واحدًا، ظنّا أن هذه الأفعال في التصرف مثل كان وأخواتها، فيتوهم أن لها أفعالٌ مضارعة، وأسماءَ فاعلين، ونحو ذلك تعملُ عملها، فقال في ذلك:
وَاسْتَعْمَلَوا مُضَارِعًا لأَوْشَكَا
وَكَادَ لَا غَيْرُ، وَزَادُ وامُوْشِكَا
حقيقة هذا الكلام أن أكثر هذه الأفعال لم تتصرّف تصرّف الافعالِ، فلم يستعمل لها مضارع ولا أمرٌ/ ولا بُنِى منها اسم فاعل ولا مفعول. وإنما اقتُصِر بها على حالةٍ واحدة لكن بحيث فهم منها قصدُ الاقتصار؛ فإن عدم استعمال المضارع والأمر وغيرهما. بمجرّده لا يدُلُّ على عدم التصرف، وإلّا لَزِمَ أن يقف في كل فِعْلٍ من الأفعال على السماع. وكذلك في كل اسم فاعل أو اسم مفعول. وليس الحكم كذلك، بل إذا سمعنا بعض أنواع الفعل قسنا عليه سائر الأنواع، بخلاف ما إذا فهمنا الاقتصار على ما استعمل فهذا هو الذى لا نستعمل منه إلا ما استعملته العرب. وأفعال هذا الباب من ذلك؛ فالغالب فيها عدمُ التصرف، إلا أنهم استعملوا المضارع وحده من فعلين منها، واسم الفعل من واحدٍ، وذلك قولُ الناظم: