والنزر: التاف القليل، وعطاءٌ منزور. وإنما قال: نَزْرٌ، ولم يقل: شذّ؛ لأن سيبويه يظهر منه أَنّ عدم اللحاق في عسى لغة قليلة؛ ألا تراه قال: «واعلم أَنّ من العرب من يقول: عسى زيد يَفْعَلُ، تشبيها بكاد». فقد يمكن أن يُصْرَف إلى ما جاء في الشعر من ذلك. ولكن الأظهر الآخر. وبه جزم ابن خروف، فردّ على الأعلم حيث جعل حذف أَنْ في الشواهد المذكورة ضرورة. فلهذا -والله أعلم- عبّر بالنّزْر لا بالشاذّ.

واستعمل «دون» متصرّفة فجرّها بالباءِ؛ لأنها عند سيبويه وغيره تتصرف -وأنشد المؤلف

وباشرتُ حدّ الموتِ والموتُ دونُها

برفع دون.

ثم قال: «وكاد الأمرُ فيه عكِسا». يعني أن الحكم المقرّر في عسى هو معكوسٌ في كاد، والذى في عسى أنّ لحاق أَنْ في خبرها هو الشهيرُ، وعدمُها نادرٌ، فعُكِس هذا، وهو أَنّ عدم لحاق أَنْ هو الشهير، وثبوتها نادرٌ حاصل لكاد. فالكثير قولك: كاد زيد يقوم، وكاد العروسُ يكون أميرًا، وكاد الفقر يكون كفرًا. وفي التنزيل: {وَمَا كادوُوا يَفْعَلُونَ}. والنادر قولك: كاد زيدٌ أن يقوم. ومنه قول كعب بن مالك -رضي الله عنه- يردّ على ضرار بن الخطاب:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015