وَمَاذا عَسَى الحجاجُ يبلغُ جَهده
إذا نحنُ جاوزنا حَفِيرَ زيادِ
ووجه/ غَلَبةِ استعمال أَنْ ههنا وقِلّةِ عدمها أن الأفعال كما مرّ على ثلاثة أقسام: منها ما تلبّس [به] بالفعل. وهذا لا يليقُ به أن، لأنها تخلّص للاستقبال، والفِعْلُ حال، فَهُما متنافيان. وذلك جَعَل وأخواته.
ومنها ما قَرُب من التلبُّسِ بالفعل ولم يُفْعَلْ، لكنه على تَهْيِئَةِ أَنْ يُفْعَل. وهذا القربِ معناه من الوقوع حُكِم له بحكمه، فلم تَلْحقه أَنْ، لأنهم قصدوا التقريب من الحال، وأَنْ تنافي هذا القصد، لكنهم اعتبروا في القليل حقيقة عدم وقوعه فألحقوها؛ إهمالًا للقصد، ونظرًا لحقيقة الأمر من عدم الوقوع بعدُ. وهذا كاد وما جرى مجراه.
ومنها ما لم يقع ولا يجرى مجرى الواقع؛ إذ لم يقرب من الوقوع لكنه منتظر في الرجاء، فهذا هو الذى يستحقّ أَنْ، لأن الفعلَ مستقبل تحقيقًا، فدخلت هناك لتخلّصَ الفعل للاستقبال. وقد اعتبروه -في القليل- اعتبار كاد- فلم يلحقوا أَنْ؛ إذ الفعل في الرجاء مع هذا النوع كالفعل مع الوقوف في النوع قبله، كأنهم قربوه في رجائهم فصار بمنزلة ما قَربُ وقوعه. وذلك عسى وأمثاله.
هذا هو التعليل اللائق بمذهب الناظم. وقد علل ذلك بما يرجع إلى المذاهب الأخر.
ويقال: نَزُر الشئ -بالضم- ينزُر نزارةً، فهو نَزْرٌ، أي: قَلّ.