بالحقيقة أو بالتَّأويل إلى النوع الثالث مما ذكره الناظم. أما أسماء الأفعال فقد تقدم ذلك فيها, وأما أسماء الأصوات فراجعة إليها بالشبه, فما هو منها للدعاء أو للزجر ظاهر الشبه باسم الفعل, وماعدا ذلك محمول عليه, لأن الجميع تصويت أو نقول: إنها اجتمعت في كونها غير متأثرة للعامل, إذ لا تُستعمل فاعلة ولا مفعولة ولا مضافة, فحُكِم لها بالبناء كهذا الشبه, وهذا أولى من مطلق الحمل, لأن العلة هنا عامة وفي الأول خاصة, وعلى هذا يجري الحكم في أسماء العدد المطلقة, وفي حروف الهجاء, فإذا سقوط موجب الإعراب هو معنى عدم التأثر للعامل, غير أن العرب أهملت ها هنا جزء العلة ولم تُعمله في أسماء الأفعال على رأي الناظم, إلا مع النيابة عن الفعل على ما قرَّره ولو قيل بإسقاط الاعتبار في الحقيقة لأن "غير" في قولهم: ليس غير إنما لنى لقطعه عن الإضافة كقبلُ وبعدُ, وليس الكلام هنا في البناء العارض وإن سلمنا ذلك فهو في الحقيقة تضمين لغير معنى "إلا" فرجع إلى النوع الثاني.
وأما الثالث: فغير محتاج إليه, لأن المضمرات والمبهمات قد تقدم دخولها في النوع الأول والثاني وكذلك في الرابع, وأيضًا فمن الأسماء ما هو كذلك وليس بمبنيٍّ, وذلك "كل" و "بعض" ونحوهما. ألا ترى أن مدلولها عرض يُعترض به في الأشياء كلها, ويتحقق ذلك في "بعض" حيث وافقت "من" التبعيضية في معناها, حتى قال لنا بعض شيوخنا: لا فرق بين قولنا أكلتُ الرغيف, وقولنا أكلت بعض الرغيف من جهة المعنى, وإنما فرق بينهما الأحكام اللفظية, فأنت ترى أن هذا السبب غير مطّرد, فبحق ماترك ذكره الناظم.