وأما الرابع: فإن قلة التمكن وإن كانت أصلًا في الحروف قد وجدت في الأسماء, ولم يكن ذلك موجبًا للبناء نحو قولك: جئت من عل, وأشياء من هذا النمط, ويكثُرُ في الظروف, فقلَّة التمكن إن سلمنا أنها تقتضي البناء ففي بعض دون بعض, ألا أن نحو: صاد وقاف كم حروف الهجاء إذا جُعل اسمًا للسورة جاز فيه الإعراب والبناء, وعلل البناء بقلة التمكن, وإذا كان كذلك فما كان كذلك فما كان من العلل مُطَّرِدًا في معلوماته أولى مما كان غير مُطَّرِد, وقد وجدنا لبناء "الآن" علة مُطَّرِدة غير ما ذكره السيِّرافي, وهي تضَمُّن معنى الحرف فعند الفارسي وابن جِنِّي أنها َضُمنت معنى ألف ولامٍ سوى التي ظهرت عليها, وبها حصل تعريفها لا بالظاهرة, فإنها زائدة حسب ما نصَّ عليه الناظم في باب المُعرَّف بالأداة, وعند الزَّجاج أنها بُنِيت لما فيها من معنى الإشارة, فإذًا لا يتعين ما قاله السيِّرافي في مذهب الناظم, لإمكان قوله بما سواه, وكذلك "قطُّ" لا يتعيَّن تعليل بنائها بقلَّة التمكن, فإنها عند السيِّرافي اسم فعل نائب عن فعل الأمر في أول أحواله, فمعنى: قطْك درهمان, بمعنى لِيَكْفِك درهمان, أو اكتفِ بدرهمين, وكذلك "قد" بمعناها إذا قلت: قَدْك درهمان.
وأما الخامس والسادس: فقد ظَهَر رجوعها إلى ذكره, ففَعال المعدولة في غير الأمر راجعة في بنائها إلى بناء المعدولة في الأمر. والمنادى المفرد راجع إلى بناء المُضمر. وإن قلت: إن المنادى بني