النفي لبطل العمل؛ فإذا قلت: ما زيد إلا قائم، رفعتَ لأنّ «ما» إنما اشبهت ليس في حصول النفي بها، فإذا زال النفي زال أصل الشبه، فرجعت ما إلى أصلها من عدم العمل. هذا معنى تعليل سيبويه، ومنه في القرآن: {وَمَا مُحمدٌ إِلا رَسُولٌ}، {وما أَنتُمْ إِلّا بَشَرٌ مِثْلُنَا}.
قال المؤلف: ورُوى عن يونس -من غير طريق سيبويه- إعمالُ ما في الموجب بإلّا، واستشَهَد على ذلك بعض النحويّين بقول الشاعر.
وَمَا الدّهرُ إِلّا مَنْجَنُونًا بِأَهْلِهِ
وَمَا صَاحِبْ الحَاجَاتِ إِلّا مُعَذّبَا
وهذا شاذّ يحفظ ولا يقاس عليه.
وخالف بعضُ الكوفيين هذا الشرط في مسألةٍ، فأجاز: ما ما زيدٌ قائما، بإدخال ما على ما.
قال الفارسىّ: وهذا ينبغي أن لا يجوزَ، لأن النفي قد انتقض وهو أعظم السببين -يعنى في إعمالها- قال: وكما لا يجوز ذلك مع إِلّا كذلك لا يجوز في ما.
فإن قال: أَدْخَلْتُ الأولى على كلام قد عمل بعضُه في بعض، فلم أُغَيّر. قيل له: فإنك أيضا قد أَدْخَلْتَ إلّا على ذلك، فأجره مُجرى ليس، فكما لا يجوز