هذا في إلّا لنقص النفي كذلك لا يجوز في ما إِذا أُدخلت على ما. انتهى
ويلزمُ على قول من قال: إِنّ إِنْ في نحو: ما إن زيدٌ قائمٌ، للنفي، أن يكون إبطالُ العمل لإبطال النفي، لأن نفي النفي إيجاب. ولكنه لا يقول ذلك، بل هما معًا أداتان تنفيان ما بعدهما. وإنما هو إلزام لهم.
والشرط الثالث: بقاءُ الترتيب الأصلىّ المعلوم، وذلك قوله: «وَتَرتْبٍ زُكِنْ». وهو جرٌّ بالعطف على نَفْي، كأنه قال: مع بقاءِ النفي ومع بقاء الترتيب تَحَرُّزًا من زواله، وذلك أن الترتيب المعلوم في ذلك تقديم اسم ما على خبرها، وخبرها على معموله، نحو: ما زيدٌ ضاربًا عمرًا. فإذا اختلّ هذا الترتيب بطل العمل، قولك: ما قائم زيدٌ، بتقديم الخبر على الاسم. وما جاء بخلاف ذلك فقليل.
حكى الفارسىّ عن الجَرْمِىِّ أن ناسًا قد رَووا عن العرب نصب خبر ما مقدّمًا، نحو: ما منطلقًا زيدٌ. قال: وليس ذلك بكثير، والأجودُ الرفع. وأنشد سيبويه للفرزدق
فَأَصبحُوا قَدد أعادَ الله نِعْمَتُهم
إِذْ هُمْ قُرَيشٌ وَإِذْ ما مِثلَهُم بَشَرُ
وقال سيبويه: «وهذا لا يكاد يعرف».
واستدل الفارسىّ في التذكرة على جواز نَصْبِ الخبر مقدمًا، بدخول الباء عليه مقدمًا، في قول الشاعر: