فَتُذَكِّرُ}. والمعنى عندهم في القراءتين سواء. وليس للناظم هنا إشارةٌ إلى هذا الخلافِ، ولا تَعَرُّضُ لمعنى المسألة، لكن قد يُعلم أن مذهبه مذهب البصريين من باب الجزاء، حيث لم يعدّ أَنْ من أدوات الجزاء. والترجيح بين المذهبين لا يليق بهذا الموضع، ويكفي من ذلك عدم (ثبوت) كون أَنِ المفتوحة تقع بمعنى إِنِ المكسورة.

ثم اعلم أنّ الناظم هنا لم يُحَرِّر عبارته في المحذوف ما هو؟ فإنه قد ذكر أنّ المحذوفَ مع إِنْ ولو كان واسمُها، لا كان وحدها، ثم عقّب ذلك بأنّ ما تأتى عوضًا من كان مع أَنْ، ولم يشعر بأنّ الاسم ثابت، فيُوهم أنه يُحْذَفُ أَيضًا معها. وذلك غير صحيح، بل «أنت» في قوله: «أَمّا أَنْتَ بَرّا» وهو اسمُ كان، وبَرّا وخبرها. وعلى هذا يجرى حكم سائر المُثُل، وإذا كان كذلك ثبت أن عبارته مُوهِمة.

وقد يُعتَذَرُ عنه بأنه لما ذكر هنا التّعويض مخصوصًا بكان وحدها، وذلك قوله: «وَبَعْدَ أَنْ تَعوِيضُ ما عَنْها ارتُكِبْ»، فضمير عنها عائدٌ إلى كان وحدها -أشعر بأن المحذوف كان وحدها، إذ لا يحذف شيئان فيعوضَ من أحدهما دون الآخر. ولم نَجِدْ ذلك مقولًا ولا منبّهًا عليه هنا إلا في كان دون اسمها، وإذا كان كذلك لم يبق إلا أن يعتقد اختصاصُ كان بالحذف دون اسمها وخبرها. والله أعلم.

والبَرُّ: ضد الفاجر؛ يقال: رجلٌ بَرٌّ وبارٌّ. وقد تقدّم.

والاقتراب والقرب، بمعنًى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015