(ثم قال):
وَمِنْ مُضارِعٍ لكَانَ مُنْجَزِمْ
تُحْذَفُ نُونٌ وَهْو حَذْفٌ مَا اُلْتُزِمْ
من مضارع: متعلق بتُحَذفُ. ولكان: في موضع الصفة لمضارع. ومنجزم: مجرور أيضا صفة لمضارع. يعنى أَنّ يكونُ -مضارع كان- إِذا كان منجزمًا حُذِفَت نونُه، فتقول في لم يكنْ: لم يَكُ. وفي لا تكنْ/: لا تَكُ. ومنه في القرآن: {وَلَاتَكُ في ضَيْقِ ممّا يَمْكُرُونَ}، {قَالُوا: لَمْ تَكُ مِنَ المُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطُعِمُ المِسْكينَ}، {وَلَمْ يَكُ مِن المُشْرِكين}، {إِنّها إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبّةٍ}. وهو كثير.
وهذا الحذف جائزٌ لا لازم، فلذلك قيّده بقوله: «وَهْوَ حَذْفٌ ما التُزِم»، أى: إن هذا الحذف جائزٌ إِنْ شئتَ حذفت، وإن شئتَ أتيتَ بالفعل على أصله فقلت: لم يكن، ولَا تكُنْ، وإن يَكُنْ كذا يكُنْ كذا.
ووجهُ هذا الحذف أنها لما كثر استعمالهُم لها؛ إذ هى أصلٌ لكلّ فعل وحدث، وجرت في كلامهم، وكانت النون تشبه حرف اللين إذا كانت ساكنة، لأنها غُنّة في الخيشوم، عاملوها معاملة حرف اللين، فحذفوها مع الجازم تشبيها لها به. فالعلّة أمران: كثيرةُ الاستعمال، والتشبيه بحرف