وهذا مثال واحدٌ من عددٍ كثير يشتملُ على قرائن يجوز معها حذف الخبر، فمن ذلك: زيدٌ قائم وعمرو. فالتقرير: وعمرو قائم. ومنه: خرجت فإذا الأسدُ. تقديره: فإذا الأسدُ حاضرٌ أو موجود أو نحو ذلك.
وهذا ليس كالإثبات في الكثرة. ومن ذلك قول الشاعر:
نَحنُ بِما عِنْدَنا، وأَنت بما
عِنْدَكَ رَاضٍ، والرأىُ مخْتَلِفُ
فحذف خبر نحن، وهو: راضون، لدلالة «راض» عليه.
والضرب الثاني: حذفُ المبتدأ، وهو الذى عنى بمثاله الذى قال فيه: «وفي جواب: كيف زيدٌ؟ قل: دَنِفْ». يعنى أنك إِذا سئلت فقيل لك: كيف زيدٌ؟ فلك أن تحذف المبتدأ فتقول دَنِفٌ.
وأصل الجواب أن تقول: زيدٌ دنفٌ، ثم تحذف.
وليس في قوله: «قُلْ: دَنِف» القطع على الحذف، بل ذلك إلى خِيَرَةِ المتكلم، دلّ على ذلك قوله: «وَحَذْفُ ما يُعْلَمُ جَائزٌ».
وقوله: «في جوابِ» متعلِّقٌ بـ «قُلْ». وهو على الحكاية، أعنى: كيف زيدٌ؟ كأنّ المعنى: «وفي جواب سُؤَالِك بهذا الكلام قل كذا».
والدّنِفُ -بكسر النونِ-: المريض، يقال: دَنِف المريض دَنفًا: إذا ثَقُل في مرضه. وقال الجوهرى: الدّنَفُ: المرضُ الملازم، واسم الفاعل: دَنِفٌ،