والثاني: -على تسليم أنه أراد الجائز بالإطلاق الأول- فإنما معنى كلامه: أن ما يعلم منه جائز فالأمثلة المذكورة، ومه واجب كالحذف بعد لولا وما أشبه ذلك، فيكون قوله: «جائز»، ليس غير المبتدأ الأول، بل هو مبتدأ محذوف الخبر، كأنه قال: «وحذف ما يُعْلَمُ منه جائز. ويجبُ بعد ولا، وكذا، وكذا. وهذا أيضا صحيح في نفسه، فلا إشكال.

وإما الثالث فالظاهر وروده / إلا أن يقالَ: إن مثلَ هذه الأشياء مما لم يذكرها الجمهور في الكتب المطولة، فهو حين تركها أعذرُ منهم، لاختصاره. وإنما يتمكن الاعتراض بها على التسهيل.

ثم رجع إلى قصد ذكره، فقال: «وحذفُ ما يعلم جائز» إلى آخره، يعنى أن كل جُزْءٍ من جُزْأَىِ الجملة يجوز حذفه إن كان معلومًا عند السامع حتى كأنه في حكم المذكور. وهذا الحذفُ لم يقيّده بجزءٍ دون غيره، فاحتمل كلامه ثلاثة أضرُبٍ من الحذف، أشار إلى ضربين بمثالين، وترك الثالث اعتمادًا على الكليّة:

الضرب الأول: حذف الخبر، وهو الذى أشار إليه بقوله: كما تَقُولُ: زيد. بعد: مَنْ عِنْدكما؟ فإذا سُئِلت هذا السؤالَ فقيل لك ولصاحبك: من عندكما؟ فقلت: زيد فزيدٌ مبتدأٌ حُذِف خبرُه لدلالة الكلام الأول عليه.

وأصل الجواب: زيدٌ عندنا. لكنْ حُذِف الظرف اختصارًا.

وقوله: «بعد مَنْ عندكما؟ ». أراد بعد هذا الكلام المقول فيه عن الشخص الذى استقرّ في هذا الظرف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015