يشير إلى أصل ذلك أنّ وضع الكلام إنما هو للبيان عن المعاني التى في النفس، فالأصل اجتناب ما لا يحصل معه البيان من لبس أو غيره، ولذلك وصفوا الإعراب في الاسماء لأجل التفرقة بين المعاني، إذا لو لم يضعُوه لم يحصلِ الفرقُ ووقع اللبسُ حسبما قرره النحويون. ووضعوا أبنيه التصغير والتكسير والسب، والمبالغة وغير ذلك، ليتبيّن مرادهم في الأسماء والمسميات؛ إذ لا يتميز المعنى المراد من غيره دونها. ثم إِنّ العرب يعرض لها الإبهام في كلامها واللبس المبعد ع فهم المراد، إما قصدًا منها أوّليًا حتى يكون البيان مناقضا لما قصدت، كما في نحو: (فَغَشِيهم مِنَ اليمِّ ما غَشِيَهُمْ، وكما يُحذف الفاعل في: ضُرِبَ زيدٌ، والمفعول في مثل: أعطيتُ، إذا لم ترد الإعلام بالآخذ أو المأخوذ، وما أشبه ذلك. وإما على غير قصد أولىّ، بل يكون الحكم اللفظي يؤدى إليه، كما إذا استوت الصيغتان لفظا وهما مختلفتان حكما، لأجل الإعلال، كالمختار والمنقاد للفاعل والمفعول، أو لغير الإعلال، كالمصطفى للمفعول به والمصدر والزّمان والمكان، وكما في تصغير عَمْرو عُمَر وعامر أيضا في الترخيم، إذا قلت: عُمَير. وكالنسب إلى أَحَد وأَحَدَ عشر وأحد وعشرين، مُسمّى بها، إذا قلت: أَحَدِى. والنسب إلى عَصِىّ وعَصَاه إذا قلت: عَصَيوىّ. وكترك الإشمام في بِعتُ وقُلْتُ، مَبْنِييّنِ للمفعول عند من يقول: بِيعَ [قُول] وما أشبه ذلك، مما / يقع فيه اللبسُ على غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015