إذا قلت: زيدٌ أخوك، فزيد معروف عند المخاطب، والأخوة مجهولةٌ عنده، وبالعكس وما قالوه فيه مسامحة؛ إذ لو كان الخبر مجهولًا لم يُؤْتَ به معرفة، بل كانوا يقولون في الأول: زيدٌ أخٌ لك. وفي الثاني: أخوك مُسمّى زيدًا، أو نحو ذلك. هذا هو المطابق، فإن استعملت المعرفة في موضع النكرة فعلى خلاف الأصل، اعتبارًا بالمثال.
وذهبت طائفة من النحويين إلى أن ذلك ليس بلازم، وأن التقديم والتأخير وإن استويا في التعريف، بناء على أن المحصول واحد عند فرضِ المبتدأ خبرًا أو بالعكس، فإذا قلت: زيدٌ أخوك. فهو في معنى أخوك زيد، وإذا كان المعنى واحدًا فسواءٌ قدمت الخبر أو جعلته مبتدأً، والحكم واحدٌ، فيصبح في قولك: زيد أخوك، أن يكون زيدٌ مبتدأً في موضعه، أو خبرًا مقدمًا وكذلك [في]: أخوك زيدٌ. ويحصل من ذلك جوازُ تقديم الخبر على المبتدأ. وهو ظاهر كلام سيبويه والفارسىّ والسيرافي، ونصّ ابن جنى. بل ذكر الزجاجُ في «معانيه» قول الله تعالى: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} يجوز أن / يكون (تلك) في وضع رفع على اسم (زالت)، وفي موضع نصف على خبر (زالت). قال: ولا اختلافَ في هذا بين النحويين في الوجهين.