فأما القاعدة الأولى فإن لعلماء العربية فيها اختلافًا، فأربابُ علم المعانى يذهبون إلى ما أشار إليه الناظم من أن الخبر إذا كان مساويًا للمبتدأ، فإن كل واحدٍ منهم إِذَا جُعِل مبتدأً والآخَرَ خبره أعطى من المعنى غير ما يعطيه العكس؛ فإذا قلت: زيدٌ أَخُوك، فهو لمن يعرف زيدًا ويطلبُ له حكما بأحدِ من يعرفه بقلبه كأنّ المخاطب قال: من زيدٌ من هؤلاء المعروفين عندى؟ فقيل له: زيد أخوك. وإذا قلت: أخوك زيد. فهو لمن يعرف أنّ له أخًا، وهو يطلب الحكم عليه بالتعيين من بين معارفه، كأنه قال: من أخى من هؤلاء؟ فقيل: أخُوك زيد. وعلى هذا تقولُ: زيد المنطلقُ، لمن يطلب أن يعرف حكما لزيد باعتبار تعريف العهد والحقيقة أو استغراقها. وتقول: المنطلق زيد، لمن في ذهنه المنطلق، باعتبار تعريف العهد [أو الحقيقة]، وهو يطلب تعينه. وعلى هذا النحو تقولُ في تنكيرهما: عَبْدٌ يسكن المسجدَ عبدٌ تقىٌّ، أو عبد تقى عَبْدٌ يسكن المسجد. وتقول: مكرمُ زيدٍ اليومَ مهنُيك غدًا. ومُهنُيك غدًا مكرمُ زيدٍ اليوم. وتقول: صلاةٌ بالليل عملٌ مخلصٌ، [وعملُ مخلصَ] صلاةٌ بالليل. وهل قائم في الدار مكرمٌ لك؟ وهل مكرمٌ لك قائم في الدار؟ وما أشبه ذلك. فأيّهما جعلت المسئولَ عنه فهو المبتدأ المعتبر تقييد في القرب من المعرفة، والآخر خبره.

وذهب إلى مذهب أهل المعاني من أهل النحو جماعةٌ كابن خروف والجُزُوليَ وابن عصفور وغيرهم، إلا أنهم قدّروا الخبر تقدير المجهول فقالوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015