ومن ذلك أيضا قولُ الآخر:

جَانيكَ مَنْ يجْنِى عَلَيْكَ وَقَدْ

تُعْدِى الصِّحَاحَ مَبَارِكُ الجُرْبِ

ومن الأمثلة في تنكيرها وتقديم الخبر لوجود البيان، ما رُوى في الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مسكينٌ مسكينٌ رَجُل لا زوج له». فَرَجُلٌ هو المبتدأ عنده، ومسكين خبره.

واعلم أنّ هذا الحكم الذى قَرّره الناظمُ مبنيٌّ على قاعدتين:

إحداهما: أنّ المجعول خبرًا لا يصحُّ أن يُعتقد كونه مبتدأ، وبالعكس، وذلك مع بقاء المعنى في الحالة الثانية على ما كان عليه في الحالة الأولى؛ فإنه لو كان ذلك عنده صحيحا لم يمنع تقديمُ الخبر عند عدم البيان لإيهام كونه مبتدأ؛ إِذْ لو فُرِضَ الخبر / المقدّمُ مبتدأَ لم يفَسُرِ المعنى بذلك فما مُنع التقديم مع اللبس دلّ ذلك على أن المنع لأجل اختلاف المعنى عند اختلاف الاعتقادين.

والثانية: مراعاةُ اللبس، وقد أشارَ إليها بقوله: «عادِمىْ بيانِ»، يريد: فلو لم يُعدَمُ البيان لجاز تقديم الخبر؛ إِذ لا محذُورَ فيه، فلما وُجِد اللبس مع فرض التقديم مُنِع، لالتباس المعنى بالتباس الخبر بالمبتدأ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015