الفائدة، فإن أفاد ذلك جاز الإخبارُ به عن الجُثّة. وتعليقهُ الجوازَ على شرطِ الإفادة هو الأصل وهو أولى من تعليقه على مواضع تُعَدُّ وتُحصَرُ، فإن حصر الآحاد قد لا يفي بجميع مواضع الإفادة، بل الغالبُ أنه لا يفي. وإنما وجهُ حصرِها ردُّها إلى أصل الجواز وهو الإفادة، فلذلك اقتصر الناظم عليه فقال: «وَإِن يُفِدْ فَأَخْبَرا». وقد حُصِرت مواضعُ الإفادة في ثمانية: أحدها: أن يشبه اسمُ الجثة اسمَ المعنى في الحدوث في وقتٍ دون وقتٍ، كالرُّطْب والكَمْأَةُ ونحوهما، كقولك: الرُّطْبُ في وقت كذا، والكَمَأَةُ وقتَ الربيع. ومنه قولهم: الهلالُ الليلةَ. وما أشبه ذلك.
والثاني: أن يكون الزمان موصوفا، نحو قولك: نحنُ في زمانٍ طيِّب. ومنه قولُ عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: «إنكم في زمان كثيرٌ فُقهاؤُه، قليلٌ قراؤُه، كثيرٌ من يعطى، قليلٌ من يَسأَلُ». وقال امرؤ القيس:
أَلاعِمْ صَبَاحًا أَيُّها الطَّلَلُ البالِى
وَهَلْ يَعَمِنْ مَنْ كَانَ في العُصُر الخالِى
وقال الآخر:
نَحنُ -والله- في زَمَانٍ غَشُومٍ
لو رَأَيناهُ في المَنَامِ فَزِعْنا