مقتضياً لذلك مع ظرف المكان، فهو في ظرف المكان إطلاق صحيح/، وغير صحيح في ظرف الزمان. فأراد تقييد ذلك الإطلاق، فأخبر أنّ اسم الزمان لا يكون خبرًا عن مبتدأ هو جثةٌ، غلا أن يكون الإخبار به عنه مفيدًا، فإذا أفاد جاز. وحصل من هذا ومما قبله أن الظرف إما أن يكون مكانيًا أو زمانيا، فإن كان مكايا أُخبر به عن كل اسم كان، اسم جثة نحو: زيدٌ أمامك، وعمرو خَلْفَ الحائط، والدراهم عند زيد. أو اسم معنى نحو: قُعودُ زيد مكانَك، وقيامُه خلفَ الدار، وَأَكْلُه عدك. وإن كان زمانيًا فإما أن يكون المبتدأ اسم جثةٍ أو اسم معنى، فإن كان اسم معنى أخبر عنه لحصو الفائدة بذلك، نحو: قيامُك غدًا، وسفرُ زيد بعد غدٍ، وخروج زيد يوم الجمعة. وإن كان اسم جُثّة فلا يُخبر به عند لعَدَمِ الفائدة بذلك، فلا تقولُ: زيدٌ يوم الجمعة، ولا عبد الله غدًا.
والفرق بين ظرف الزمان وظرف المكان في هذا أَن ظروف الزمان أشياءُ تحدُث وتنقضى، وما وُجِدَ منها فمشتملٌ على كلّ موجُودٍ، والجثة كلها موجودة فلا فائدة في الإخبار عنها بذلك، والمصادر وهى أسماء المعانى غير موجودة بل تحدُث، فأفاد الإخبارُ عنها بالظروف الزمانيّة. وأما ظروف المكان فَأَيُّها جُعِلت مستقرًا لشئٍ جاز أن يقع خبرًا وتقع الفائدةُ؛ لأنّ الأمكنة لا تشتملُ على كلِّ موجود، ولا تكون ظروفًا لكل واقع في الوجود لزومًا، بل قد تخلو مها وقد لا تخلو، فصار الإخبارُ بها يُحصّل ما لم يكن معلومَ الحصولِ. وبهذا أشبهت الأمكة الأشكاص فأفادَت كما أفاد الإخبار بالأشخاص.
وقد نَبّه على أصل المنع في هذه المسألة، وهو عدم الفائدة، بقوله: «وغن يُفيد فَأَخْبَرا»، فكأنّه قال: ولا يكون اسمُ زمانٍ خبرًا لجثّةٍ لعدم