وكذلك مسألة الابتداء وعمله في المبتدأ وحده، أو في المبتدأ والخبر، أو عدم ذلك- أمرٌ لا تنبني عليه فائدةٌ كلامية فالكلام في ذلك كله وتسويد الأوراق به لا يُجدِي في المقصود من علم النحو مَزيدًا. قال ابنُ الحاج فيما علّق على المقرب العصفُورِيّ: جملة ما أقوله أنّ كلّ خلافٍ وبَحْثٍ في هذه الصناعة لا يؤدّى إلى الوقوف على كيفيّة التكلم فهو فَضْلٌ لا يحتاج إليه، والاشتغال به بطَالة. قال: وقد أُولِع المدرِّسون بذلك، وإِن لم يكن نافعًا في تعليم الصغار، فالاشتغالُ به اشتغالُ بما لا يُغْني. وأشدّ من نقض الاشتغال به اعتقاد أن ذلك مهمّ ضَروريٌّ مُوصّل إلى معرفة حقيقة، مكسِبٌ علمًا بكلام العَرَب. ثم مضى في كلامه، ثم قال في هذه المسألة التي نحن فيها: فالغرض أن قولك: زيد في الدار، مرادف لقولك: زيد استقر في الدار، أو يستقرُّ أو مستقرّ، كلٌّ بمعنى واحدٍ.، انتهى، وهو صحيح واضح، وإذا وضح هذا فكلُّ ما أجلبه من الحجج والترجيحات في المسائِلِ التي هذا شأنها فَلْتعلم أنها مجتلبة بحسب مقصد الشرح، لا بحسب استنتاج فائدة زائدةٍ، وبالله التوفيق.
ثم أَتمّ هذا الحكم في قسم الظرف بقوله:
وَلَا يَكُونُ اسْمُ زَمانٍ خَبَرًا
عَنْ جُثّةٍ، وَإِنْ يُفِدْ فَأَخْبِرَا
لما أطلق القول في وُقوع الظرفِ خبرًا للمبتدأ، وكان المبتدأُ تارةً يكون اسم عين، وهو المراد بالجثة، وتارة يكون اسم معنى -كان من مقتضى إطلاقه أن يجوز وقوعُ ظرف الزمان خبرًا عن كلّ (جثة) كان أو معنى، كما كان