ثم استثنى منه أيضا لفظا آخر التزم فيه أحد الوجهين وهو الإدغام فقال: "والتزم الإدغام أيضا في هلم" يعني أن هذا اللفظ الذي هو هلم التزمت العرب فيه الإدغام فلم تظهر، فلا تقول فيه: هلمم، كما تقول: اردد. وإنما يريد هلم التي هي باقية على حكم الأفعال، وذلك أن هلم على وجهين: فعل، واسم فعل، فأما كونها فعلا ففي قول من قال: هلما، وهلمى، وهلموا، ونحو ذلك؟ ودليل كونها فعلا لحاق ضمائر الرفع/ البارزة لها واتصالها بها، كما تقول: ردا، وردوا، وردى. وأما كونها اسم فعل ففي لغة من قال: هلم يا زيد، ويا زيدان، ويا زيدون، ويا هند، ويا هندان، ويا هندات. فلا يختلف آخرها كما لا يختلف إذا قلت: صه يا زيد، ويا زيدان، ويا زيدون. وكذلك سائرها. وهذه لغة القرآنن قال تعالى: {قل هلم شهداءكم الذين يشهدون} .. الآية، وقال تعالى: {والقائلين لإخوانهم: هلم إلينا}. ومعناه في الأول: أحضروا. وفي الثاني: أقبلوا. فأما لزوم الإدغام مع كونها اسما فغير غريب وإن قلنا إن أصلها الفعل، كما قال الخليل: إن أصلها: هالم، ثم جعلا شيئا واحدا، فسموا بها الفعل، وحذفوا الألف لكثرة الاستعمال، لأنه لا يستنكر أن يأتي مدغما على لغة بني تميم، وإن كان أهل الحجاز هم الذين جعلوها اسم فعل. وأما لزومه مع كونها فعلا فلأنه صار لها بقلة تصرفهم فيها حالا ليست لسائر الأفعال، قال سيبويه: "لأنها لم تصرف الفعل ولم تقو قوته"، فلذلك أخرجوا ها عن الحكم بالوجهين إلى التزام الإدغام.