وهاتان اللغتان من الإظهار والإدغام فيما عدا أفعل به في التعجب، وهلم على لغة من قال: هلموا، وهلما، وهلمى، وهي على هذه اللغة فعل، ففي أفعل به التزموا الفك، والتزموا الإدغام في هلم، فذكرهما لخروجها عن مقتضى القاعدة فقال:

وفك أفعل في التعجب التزم ... والتزم الإدغام أيضا في هلم

يعني أن العرب التزمت الفك وترك الإدغام في هذا المثال الذي هو أفعل المختص بباب التعجب إذا كان مضاعفا، فقالوا: أشدد بزيد، وأمرر به، وأعزز به، وما أشبه ذلك. ووجه ذلك أن أفعل في التعجب قد لزم لامه الإسكان فصار من قبيل ما لا يقبل الحركة، لأنه لا تلحقه ألف الاثنين ولا نون التوكيد إلا شذوذا، ولا يليه إلا فاعله المجرور بالباء، فلا تنقل إليه حركة همزة تقع بعده، ولا يلقاه ساكن. وهذه الأشياء هي التي منعت من الإدغام في رددت، ورددن وبابه. وإذا كان الثاني ساكنا لازم الإسكان لم يمكن الإدغام لم يلقى فيه إن أسكن الأول من التقاء الساكنين. وهذا بخلاف أفعل في نحو: ما أشده، وأبره، وأحده، فإنك تدغم (هنا) لتحرك الثاني كأفعل التفضيل. فلما كان أفعل في التعجب قد خرج عن (حكم) فعل الأمر المذكور آنفا في جواز الوجهين نبه عليه لئلا يتوهم أنه ذو وجهين، وأخبر أنه ذو وجه واحد وهو الإظهار على أصل الباب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015