أحدهما: أن المحذوفة هي الثانية، وذلك لأن الأولى حرف معنى فهي أولى بالبقاء، والثانية لا تدل على معنى فهي أولى بالحذف. وهذا مذهب البصريين.

والثاني: أن المحذوفة هي الأولى، وهو مذهب بعض الكوفيين حكاه السيرافي، وكأنه يختار ذلك لكونها زائدة على الكلمة، والثانية من أصل البناء، وإن لم تكن أصلا فهي أولى بالإثبات. وحكى أيضا عنهم قولا ثالثا بجواز الوجهين، والأولى ما ذهب إليه البصريون.

فإن قيل: قد زعمتم أن المحذوف من التاءين هي الثانية، وعللتم ذلك بأن الأولى لمعنى، وكذلك الثانية أيضا لمعنى، لأن تفعل وتفاعل تاؤهما لمعنى.

فالجواب: أن سيبويه قد علل ذلك فقال: "وكانت الثانية أولى بالحذف لأنها هي التي تسكن وتدغم في قوله تعالى: {فادارأتم فيها}، {وازينت}.قال: "هي التي يفعل بها ذلك في تذكرون، فكما اعتلت هنا كذلك تحذف هناك".

واعلم أن الناظم لم يبين كل البيان شرط الحذف في هذه المسألة إلا أن يفهم له ذلك من التمثيل، وذلك ثلاثة شروط:

أحدها: أن تكون التاءان معا مفتوحتين كما مثل، لأن أصله: تتبين، فإن انضمت الأولى لم يجز، لأن حذف إحداهما إنما جاز لأن لفظها مع لفظ الباقية سواء، فلا تقول في نحو تتحمل: تحمل، ولا في تتبين: تبين، لاختلاف الحركتين، ولما يؤدي إليه الحذف من الإلباس بفعل لا تاءين فيه. وإذا امتنع مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015