حجةٌ يعتمد عليها ويُستند إليها ويستدل أيضا على صحة هذه الدعوى بأنّ
فُعِل لو كان مغيَّرا من غيره لكان مستلزما وجودُه وجودَ ذلك الغير ضرورة
كون الفرع يستلزم وجودُه وجودَ أصله إذ لا يكون الفرعُ دون أصل لكنا
وجدنا أفعالا مبنية للمفعول غير مغيرة من شيء كقولهم وُكِسَ ووُضِعَ
وعُنِي بكذا ونُفِسَت ونُتِجَت وذُهيت* علينا وغُمَّ الهلال وأُغمِي على
الرجل وسُقِط في يده وغُشِي عليه ومن ذلك كثير وهي لم يوجد لها
في كلام العرب ما هي مغيرةٌ منه فدلَّ ذلك على أنها أصول بأنفسها
ومذهب الجمهور أنّ بناء المفعول فرعٌ عن بناء الفاعل ففُعِل مُغيّر من
فَعَل أو فَعِل وجعلوه مذهب سيبويه لأنه لما تعرّض لحصر أبنية الأفعال
لم يذكر المبني للمفعول وأما هذا الموضع فلم يتعرّض فيه لذكر أصل ولا
فرع وإنما أتى بمجرّد تمثيل فقط قال ابن خروف ونصّ في مواضع
- يعني سيبويه - أنه مُغيّر منه واستدلوا على أنه فرع بقول العرب «سُويرَ*
وبُويع ودُرِيَ ولم تُدغم الواو من سوير وبويع ولا همزت الواو الأولى
من ووري* مع أن القاعدة أنه إنه إذا اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما
بالسكون قُلِبت الواو ياء وأُدغمت الياء في الياء وكذلك متى اجتمع واوان
في أول كلمة همزت الأولى على اللزوم فدلّ ذلك على أنهما مغيّران من فعلِ الفاعل وكأنهما ساير ووارى فكما لا تُدغَم الألفُ من ساير ولا تُهمز الواو من وارى فكذلك ما غُيّر منه»
[277]