فالجواب أن حركة الأول لما لم يذكر فيها اختلافا دل ذلك على أنها على حالة
واحدة ثم إن فتح الأول قد تقرر في مواضع من هذا النظم أن الفاء
مفتوحة في فَعَل وفَعُل وفَعِل في أبنية المصادر وفي غيرها مع أن الأمر في
تحصيل ذلك قريب فترك ذكره لذلك
فإن قلت فكذلك أيضا ذَكَرَ هذه الأبنية الأربعة بالانجرار في متقدم
كلامه فكان ينبغي ألا يذكرها ههنا رأسا على هذا التقدير
فالجواب أن نقول إن الناظم قد ذكر ذلك أيضا ولكنه لم يذكر حصرها
في أربعة أبنية ولا غيرها فبقيت جملة الأبنية مجهولة فذكرها هنا لحصر
أبنيتها وهذا مقصده في هذا الباب فكأنه قال "يحصرها أن تفتح الأول
على ما هو المعهود وتحرك الثاني بالحركات الثلاث وتزيد على ذلك فُعِل
فتنحصر أبنية الأفعال كلها" وهذا بيّن
وأما البناء الرابع وهو المشار إليه بضمن وهو المبني للمفعول فظاهر
الناظم إثباته بناء أصيلا رابعا لتلك الثلاثة إذ لو كان عنده فرعا أصيل لم
يعدّه كما لم يَعُدَّ فَعْل المخفف من فَعُل أو فَعِل لكونه فرعا لا أصلا فكونه قد
عده مع الأبنية الأصلية باتفاق دل على أنه عنده أصلي أيضا وهذا المذهب
قد استقرأه بعض الشراح من كلام سيبويه في أول الكتاب إذ قال «وأما بناء
ما مضى فذَهَب وسَمِع وحُمِد ومكُث» فذكر أربعة أمثلة لأربعة الأبنية فلو كان عنده فُعِل مُغيَّرا لم يذكره كما لم يذكر سائر ما غُيِّر وكلام سيبويه
[276]