وبيان ذلك أن فِعِلا وإن كان قليلا ففيه أمران يُلحقانه بالكثير حتى يُنظمَ في
سلكه أحدهما اتفاق النحويين على إثباته إذ لم يخالف في ذلك أحد على
سيبويه وإثباته له بإبِل وزاد الناس عليه أشياء ربما كان فيها الثابت وغيره
لكن الحاصل ثبوته على الجملة وكل ما ثبت باتفاق فهو ثابت في الكلام قلّتُه
لا توهن ذلك فيه والثاني أن ذلك القليل الذي ثبت به فِعِل من قبيل القليل
الذي لا معارض له في قياس ولا سماع وما كان كذلك فمثاله الواحد يقوم
مقام السماع الفاشي كمسألة شَنَئِيّ في النسب إلى شَنُوءةَ* حيث أثبت
سيبويه به القياس في فَعُولة على الإطلاق مع أنه لم يأتِ منه إلا شَنَئِيّ
خاصة قال أبو الحسن فإن قلت إنما جاء هذا في حرف واحد
يعني شنوءة* قال «فإنه جميع ما جاء» قال ابن جني «وما ألطف هذا
القول من أبي الحسن! » ثم فسره بأن الذي جاء هذا الحرفُ وحده
والقياس قابلُه ولم يأت فيه شيءٌ ينقضُه فإذا قاس الإنسانُ على هذا جميع
ما جاء من فعولة وكان صحيحا في القياس فلا غروَ ولا ملام بخلاف ما
جاء مما يضعف فيه القياس وإن كثر كفَعلِيّ* في فَعِيل وفُعلِيّ* في فُعَيل فإنه
لا يقاس عليه للمعارض الذي عارض فيه فإبل في مسألتنا من قبيل شَنَئِيّ لم يأت ما يعارضه من كثرة استعماله في الألسنة وعدم تغيره عن هذا المثال الذي هو فِعِل فثبت فيه فِعِل وقامت أيضا كثرة استعماله مقام كثرة
[272]