هذا هو السبب السادس من أسباب الإمالة المتقدمة الذكر وهو المناسبة
للممال وإنما ذكره منفصلا عن الأسباب الأخر وقد كان وجه الترتيب
أن يقدم ذكر جميع الأسباب ثم يذكر بعد ذلك الموانع لأن الموانع لا حظ لها في
كف هذا السبب لأنه لازم للإمالة من حيث كان مجرد تناسب للمال فإذا لا
يتصور لهذه الإمالة مانع إذ لو كان ثم مانع لكان مانعا للأصل فيرتفع
التناسب كقولك رأيت عمادا فإمالة ألف التنوين هي المتكلَّم فيها وسببها
مناسبتُها للألف المتقدمة لأنه ممالة فلو كان ثم مانع من حرف استعلاء
نحو رأيت سباقا مثلا لكان مانعا للألف الأولى من الإمالة فلا يبقى
وجهٌ** لإمالة الألف الثانية لزوال سببها وهو إمالة الأولى فلما كان الأمر على
هذا أخّر الناظم ذكر هذا السبب الذي لا ينكف أصلا بعد ذكر الموانع تنبيها
على هذا المعنى وهو لطيف من التنبيه وفيه أيضا وجه آخر وهو أن إمالة التناسب المذكور ليست في قوة غيرها من سائر ما ذكر قبل وإن كانت عند سيبويه وغيره قياسا لأن التناسب لا يقوى قوة غيره من الأسباب فلأجل هذا أيضا أخر ذكره وليس في كلامه ما يعيّن كونها قياسا لقوله «وَقَدْ أَمَالُوا» فأتى بضمير
[190]