أسهل من العكس فلو أمالوا مع حرف الاستعلاء البعدي لكانوا قد وضعوا
ألسنتهم موضع التسفل ثم أصعدوها وذلك صعب بخلاف ما إذا أصعدوها
ثم مالوا إلى الانسفال فإن هذا خفيف ألا تراهم قالوا صبقت وصقت
وصويق لما كان يثقل عليهم أن يكونوا في حال تسفل عند النطق بالسين ثم
يصعدون ألسنتهم أبدلوا** من ذلك السين الصاد ليكون اللسان يعمل عملا
واحدا ويقع موقعا واحدا وقالوا قسوت وقست وما أشبه ذلك فلم
يحولوا السين عن حالها لأنهم لما علت ألسنتهم بالقاف انحدروا فكان أخف
فتركوا السين على ما كانت عليه ومسألتنا كذلك فحرف الاستعلاء إذا كان
بعد الألف فموجب الكف قوي فلم تكن الكسرة لتمنعه عن ذلك بخلاف ما
إذا كان قبل الألف فإنه هنالك ضعيف فتمنعه الكسرة عن الكف وأما المتقدم
من حروف الاستعلاء على الألف فقال الناظم في ذلك «كَذَا إِذَا قُدِّمَ»
والضمير في «قُدِّمَ» عائد على المستعلي يعني أنه إذا قدم على الألف
فالحكم أنه يكف سبب الإمالة عن التأثير في الألف وذلك نحو قولك صاعد
وضامن وطامع وظالم وغائب وقاعد وخامد وما أشبه ذلك فلا تميل
هذا كله لأجل الموانع المتقدمة على الألف لأنها حروف مستعلية إلى الحنك
الأعلى والألف إذا خرجت من موضعها استعلت أيضا فغلب عليها المستعلي
كما غلبت الكسرة على الألف فأخرجتها عن أصلها من الانفتاح إلى انسفال
الإمالة قال سيبويه «ولا نعلم أحدا يميل هذه الألف إلا من لا يؤخذ
بلغته» وظاهر هذا الكلام من الناظم أن كف حرف الاستعلاء المتقدم على
[175]