وتخصيصه الإشمام بالضمة في قوله «أَوْ أَشْمِمِ الضَّمَّةَ» ولم يطلق
ظاهر في أنه لا يقع عنده في المفتوح والمكسور. وهذا مذهب غيره وإنما
اختص بالرفع والضم دون غيرهما لأنه إذا وضعت لسانك أو حلقك موضع
الحروف استطعت أن تضم شفتيك حتى تُعْلِمَ الذي يبصرك أنك تنوي الرفعَ
في الحرف وإذا تكلمت بالحرف فأردتَ أنْ تُعلِم أنك تنوي فيه الفتح أو
الكسر كما فعلت في المرفوع لم تقدِر أنْ تُريَ مَن ينظُرُ إليك ما في فيك
وحلْقِكَ كما أريْتَهُ ما في شفتَيْك؛ لأن ما في الشفتين يظهر للناظر وما في
الفم لا يظهر. إلى هذا المعنى أشار سيبويه في تعليل الاختصاص بالمرفوع
والمضموم. وعلّل الصيمريّ منع الإشمام في المكسور بأنه تشويه للفم.
قال ابن ملكون: هذا لا معنى له، ولو امتنع الإشمام في المكسور لأنه تشويه
للفم لوجب أن يمتنع في المرفوع والمضموم مخافة التشويه. قال: وأيُّ تشويهٍ
في الإشارة بالشفتين قليلا إلى الضم للدلالة على الحركة المفقودة في الموقف؟ !
ثم علل ذلك بأن ضمَّ الشفتين لا يكون دلالة على الجر والكسر كما كان دليلا
على الرفع والضم وقول الناظم «أَوْ أَشْمِمِ الضَّمَّةَ» أطلق الضمة على حركة الإعراب وحركة البناء معا لأن حركة الإعراب يقال لها الضمة كما يقال ذلك لحركة البناء فإطلاقه صحيح على الاصطلاح بخلاف ما لو قال (الضم) من غير تخصيص بهاء التأنيث فحينئذٍ كان يُحتاج إلى الاعتذار عنه في ذلك الإطلاق. ويريد بالضمة ضمةَ آخر الكلمة، وهو بيِّن.
[55]