فالأخفش حُكي عنه أن الإشمام يفهم بالسمع دون النظر قال
ابن خروف وهي حكاية فاسدة
وقطربٌ يقول الإشمام وضع النحويين وليس بمسموع من العرب
وهذا فاسدٌ لأنه وإن لم يُسمَع مأخوذٌ بالأبصار من أفواه العرب وقد قال
سيبويه بعد كلامه في الإشمام «وهذا قولُ العرب ويونس والخليل»
فعزاه إلى العرب وهو الثقة فيما ينقل فلا يسمع كلامُ غيره في ذلك.
وابن خروف يقول إن الإشمام على وجهين: إشمامٌ في الوقف وهذا
هو الذي لا يُحسُّ به الأعمى وإشمامٌ في وسط الكلمة وهذا لا يمكن إلا أن
يكون له صوتٌ فهو مما يسمع كالروم.
وينقل القراء عن ثعلب وابن كيسان أنّ الإشمام أتمُّ في البيان من الروم
وكأنه نطقٌ ببعض الحركة بخلاف الروم فإنه تناولٌ إلى الحركة من غير وصولٍ
إليها، وحجة هذا الرأي ما ذكروا مِن أنّ القائل إذا قال (رُمت الشيء)
فهو عبارةٌ عن محاولة أخذِه من غير وُصولٍ إليه بعدُ وإذا قال (أشممتُ
الفضّة الذهب) فالمعنى أنه خلطها بشيء منه فالروم والإشمام منقولان من
هذا. وما قالاه اعتراضٌ على الاصطلاح؛ إذ غايته أنْ سمَّوا الروم إشماما
والإشمام روما، وإذا فُهِمت المعاني فلا مشاحة في الألفاظ
وعلامة الإشمام نقطةٌ أمام الحرف كقولك (هذا زيد.) و (مررت
بخالد.)
[54]