والثالث: أنه وإن سلم وجوده فهو داخل تحت قوله: (ومنه منقول) إذ لم يحصر المنقول في نوعين فقط، وليس في كلامه ما يدل على ذلك، وإنما أتى بمثالين يدلان على نوعين خاصة، فكلامه لا نقض فيه على كل تقدير.

والثانية: أن إثباته المرتجل نص في أنه موجود في كلام العرب على ما ذهب إليه الجمهور، وقد نفاه قوم وزعموا أن كل اسم علم منقول، فما علمنا أصله فلا إشكال فيه وما لم نعلم أصله فهو على وجهين: إما أنه استعمل له أصل لكن لم يبلغنا، وإما أنه على تقدير النقل من أصل لم ينطق به، كما كان عباديد وشماطيط ومذاكير، جموعا لما لم ينطق به، وإنما ذهبوا إلى هذا لأن الغالب في الأعلام النقل، فما خفى أصله وجب حمله على الأكثر، وقد يظهر هذا المذهب من كلام سيبويه حيث تكلم على الدبران والعيوق ونحوهما من الأسماء/ الغالبة فقال: فإن كان عربيا نعرفه ولا نعرف الذي اشتق منه، (فإنما) ذلك لأنا جهلنا ما علم غيرنا، أو يكون الآخر لم يصل إليه علم وصل إلى الأول المسمى. والإنصاف أن الخلاف في المسألة لفظي فلا مشاحة في تسمية ما لم نعلم له أصلا مرتجلا، إذ القائل بوجود المرتجل لا ينفي إمكان النقل فيه، لكن سمي ما لم يبلغه أصله مرتجلا اصطلاحا، فهو في المعنى موافق للقائل بنفيه، من حيث إمكان وجود أصله، ولم يبلغنا، ومن حيث أن ما بلغنا أصله فسمي منقولا أكثر مما لم يبلغه أصله، فهذا يقول: نسميه منقولا أيضا اعتبارا بالأكثر، وحملا عليه، والآخر يقول: نسميه مرتجلا اعتبارا بعدم علمنا بأصله وهذا قريب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015