لقوم): منين، وكذلك لمن قال: (رأيت قومًا) منين.
وأتى بمثالين في مثال واحد، وليس قصده بذلك الحكاية المفردة، أعني أن يقع السؤال في لفظ واحد، بل أراد حكاية كل واحد من المرفوع والمخفوض على حدته، ولو أراد ذلك لقال: وقل من ومنين، لأن (من) الأولى وقعت في الوصل، كما تقدم في مثله.
و"فطناء" ممدود، جمع فطن، وهو الفهم.
وقال الجوهري: الفطنة كالفهم، يقال: فطن للشيء، إذا فهمه وعلمه، وفطن، بالكسر، فطانًة، وفطانيةً، وفطنةً: صار فطنًا.
وبعد تقرير هذا الحكم، فهنا مسألتان متعلقتان:
إحداهما: أن/ الحكاية بـ (من) إنما تكون لمن يعقل، وهذا وضع (من) أن تكون كذلك، على ما هو مقرر عند النحويين واللغويين، بخلاف (أي) فإنها تكون لمن يعقل ولما لا يعقل. فإذا قال: (رأيت حمارًا) قلت (أي) وإذا قال: (رأيت رجلاً) قلت: (منا) و (أيًا) إن شئت، لأن (أيًا) تصلح لهما، وإذا قال: (رأيت رجلاً وحمارًا) قلت: من وأيًا، أو (حمارًا ورجلاً): أيًا ومنا.
والناظم لم يتكلم في هذا النظم على تعيين (ما) ولا (من) ولا (أي) ولا ذكر على ماذا تقع، فقد يقول القائل: هذا نقص، إذ يتوهم منه عدم الاختصاص، وجواز وقوع (من) على كل شيء.
والجواب: أن في هذا الكلام ما يشعر بمقصوده، وأن (من) إنما يحكي بها من يعقل، وأن (أيًا) بخلاف هذا الالتزام، وذلك أنه أطلق القول في (أي) ولم يقيدها في الحكاية بشيء دون شيء. وأما (من) فقيدها