بالمثل، إذ لم يأت بمثال إلا لمن يعقل، فدل ذلك على اختصاص (من) بمن يقل.
وأيضًا المسألة لغوية، ودخولها في النحو بالعرض، فليس تفسير معناها أو معنى غيرها بضروري عليه.
المسألة الثانية: أن ما تقدم في الحكاية هو المشهور في كلام العرب.
وحكى سيبويه عن يونس: أن ناسًا من العرب يلتزمون في الحكاية بـ (من) المدات الثلاث التي للمفرد أبدًا، سواء كانت لمثنى أو مجموع أو مفرد، فيقولون في من قال: (جاءني رجل): منو، و (رجلان): منو، و (جاءني رجال) منو، وفي (رأيت رجالاً): منا، وكذلك في (رأيت رجلين): منا، وفي (مررت برجلين): مني، ونحو ذلك، لا يعيرون الحكم الحكم الحاصل مع المفرد في المثنى ولا مجموع. قالوا: وكذلك في المؤنث يقولون في نحو: (جاءتني امرأة) منو، كما في (جاءني رجل) وفي نحو: (جاءتني امرأتان): منو، وكذلك في سائر المثل لا يخالفون الحكم وإن اختلفت الأحوال. والذين يقولون هذا يقولون في (أي): أي وأيًا وأي، عني واحدًا أو اثنين، أو جماعًة، أو مذكرا أو مؤنثا.
وإنما فعلوا ذلك حملاً على معنى (من) لأنه يعني بها الواحد، والاثنان، والجماعة، والحكم اللفظي باق على إفراده، فتقول: من قال ذلك؟ وأنت تعني أكثر من واحد، أو مؤنثًا.
وكذلك (أي) تقول: أي قال ذلك؟ فأقروا (من) و (أيا) على حكم