لأن ما انتصب بين المجزومين مصدر معطوف على مصدر فعل الشرط.
ولو قلت: إن يكن إتيان فحديث، وسكت، فليس ذلك بمعطوف على مصدر فعل الشرط، بل هو مرفوع على تقدير مبتدأ بعد الفاء، تقديره: فأمري حديث، أو نحو هذا.
هذا تعليل السيرافي، وهو معنى ما في الكتاب من قول سيبويه: وإنما منعه أن يكون مثل ما انتصب بين المجزومين أن هذا منقطع من الأول- يعني قولك: فأحدثك- ألا ترى أنك إذا قلت: إن يكن إتيان فحديث أحدثك، فالحديث متصل بالأول، شريك له، وإذا قلت: إن يكن إتيان فحديث، ثم سكت، وجعلته جوابا لم يشرك الأول، وكان موتفعا بالابتداء. فعلى هذا بنى الناظم.
وقد تقرر من هذا أن كلا الوجهين لا يجوز في جملة الجواب، فلا يجوز الجزم، لأنه مقرون بالفاء، وليس بمعطوف، ولا يجوز النصب، لأنك لم تقصده، فلا بد من الرفع، فلهذا شرط الناظم شرط "الاكتناف" وظهر منه أن ما أجازه ابن طاهر (من النص مع الفاء لم يرتضه، وإنما أجازه ابن طاهر) في الشعر حملا على المعنى؛ لأنك إذا قلت: إن تأتني فأحدثك ف"أحدثك" هنا يتقدر بالمصدر كالجواب، وهو أيضا واقع، فوقع الشرط مثله، فجعل كالمنقطع لذلك، ولا يلتفت فيه إلى تقدير الاتصال إذا مثلته بالمصدر، لأنه تمثيل لا ينطق به، ويكون معنى الكلام: إن يكن إتيان يكن حديث، لأنك لو أزلت الفاء لجزمت،