الشرط وجملة الجزاء قد أحاطتا به، فصار بينهما، وقد تقدم تمثيل ذلك.
واكتنفا" في كلامه من قولهم: اكتنف القوم، إذا اتخذوا كنيفا لإبلهم، والكنيف: حظيرة من شجر تجعل للإبل، أي إن اتخذ بالجملتين كنيفا. ولا يكون من: اكتنف القوم زيدا، أي أحاطوا به، لأنه أتى بالفعل مستندا إلى ضمير الفعل، وليس هو المحيط بالجملتين، بل هما المحيطان به، فإنما يريد أنه اتخذ بهما كنيفا، أي ما يجري مجراه.
فإن قلت: ما الذي احترز بقوله: "عن بالجملتين اكتنفا" وهو إنما يريد أن يكون ذلك الفعل تابعا لجملة الشرط، سواء أكانت الجملتان تكتنفانه أم لا، فيظهر أن وصف الاكتناف غير محتاج إليه ..
فالجواب: أن هذا الكلام أحرز به أمرين:
أحدهما: ما تقدم من كونه تابعا لجملة الشرط لا لجملة الجواب، إذ تقدم الحكم في ذلك. والآخر: أنه قصد أن يكون الفعل المعطوف بالواو أو الفاء زائدا على فعل الجواب إن كان فعلا، لأنه إن لم يكن زائدا على ذلك فهو الجواب بعينه، وذلك يتصور في المعطوف بالفاء، وإذا كان هو الجواب بعينه فلا يجوز فيه هذان الوجهان أصلا، بل يلزم فيه بعد الفاء الرفع، كقولك: إن تأتني فأحدثك، وذلك أن الشرط في الأصل جملة مبناها على فعل وفاعل. والجواب جملة أخرى بائنة من الأولى، مبناها على مبتدأ وخبر، أو فعل وفاعل، ربط إحداهما بالأخرى جرف (إن) أو غيره من أخواته، ولا حاجة إلى الفاء إذا كان الجواب فعلا، وجئ بها لما احتيج إلى الجواب بالابتداء والخبر، ثم جعل مكان المبتدأ الفعل فارتفع، وليس الجواب الفاء إذا كان مرفوعا مثل ما انتصب/ بين المجزومين،