في معنى: إن تكرمني أكرمك، ولا تدن من الأسد تسلم، في معنى: إن لا تدن منه تسلم، واللهم اغفر لنا تدخلنا الجنة، في معنى: إن تفعل ذلك يكن هذا.
وكذلك الاستفهام وغيره، فقولك: أين بيتك أزرك؟ في معنى: إن أعرف موضع بيتك أزرك، وقولك: ألا تنزل عندنا تكرم، في معنى: إن تنزل تكرم.
ولا خلاف في هذا إلا أنهم اختلفوا في الجازم ما هو؟ فمنعهم من جعل الجزم ب (إن) مقدرة، كأنه قال: إن تكرمني أكرمك، ثم وضع الأمر موضع الشرط.
ومنهم من جعل الجزم بنفس الأمر، لما تضمن من معنى الشرط.
وكلام سيبويه يحتمل الأمرين، وهو أظهر في الثاني، وإليه ذهب المؤلف، واختار ابنه الأول، والخطب في المسألة يسير، وكلاهما محتمل مما يقال به، فلا حاجة إلى الإكثار، وإنما كان هذا في غير الواجب، لأن الشرط غير واجب، فلا يقوم مقامه إلا غير واجب مثله، لأن الواجب بخلاف غير الواجب، فلا يصلح للقيام مقامه.
ولما كان النفي في التحقيق واجبا لم يصلح أن يقوم مقام غير الواجب.
ألا ترى أنه يحتمل الصدق والكذب إذا قلت: ما تأتينا، والشرط لا يحتمل ذلك.
وأيضا إذا قدرت (إن) في موضع (ما تأتينا تحدثنا) فلا يخلو أن تبقى النفي أولا، فغن لم تبقه لزم أن يقوم ما ليس فيه حرف نفي مقام ما هو فيه، وذلك غير صحيح، كما يذكر في النهي إثر هذا إن شاء الله تعالى.
فإن قلت: فقد تقدم أن النفي غير واجب، ولذلك نصبت معه بعد (الفاء) وها هنا زعمت أنه واجب.