فالجواب: أن المنفي هناك بغير الواجب أنه غير الخبر المثبت، وها هنا معناه أنه غير الخبر مطلقا.
فالحاصل أن الجزم بعد النفي ممتنع، وهو مذهب البصريين.
وذهب الكوفيون إلى جوازه، ونسب إلى أبي القاسم الزجاجي القول به من ظاهر كلامه في "الجمل" وهو مذهب مردود بما تقدم آنفا، فلذلك لم يعتبره الناظم، واعلم أن كلام الناظم يشمل ما تقدم، مما ينتصب بعد (الفاء) وما سيأتي، فإن الترجي لم يتقدم له ذكر، كما تقدم تفسيره، وإنما ذكره متأخر عن هذا الموضع، وهو مما ينتصب معه الفعل بعد (الفاء) فينجزم الفعل مع إسقاطها بمقتضى هذا/ الإطلاق: فتقول: لعلي أراك أنتفع بك، وكذلك التمني نحو: ليت لي ما لا أنفق منه.
ومما جاء من الجزم في التمني قول الشاعر:
لعل التفاتا منك نحوي ميسر ... يمل منك بعد العسر لليسر جانبا.
والكلام في جزمه على ما تقدم.
ثم لما كان النهي محتاجا إلى ضميمة في جزم جوابه أردف بالكلام عليها فقال: "وشرط جزم بعد نهي أن تضع إن قبل لا".
يعني أن الجزم إذا وقع بعد النهي فلا بد أن يكون ذلك الجزم بحيث يصح أن يقع (إن) في التقدير قبل (لا) التي للنهي، فإذا استقام الكلام صح الجزم.