ثم قال: "كذا الذي أجدى حكاية".
"أجدى حكاية" بمعنى أعطى قصدها وأصل ذلك من (الجدوى) وهي العطية. والجادي: السائل، وأجديته: أعطيته الجدوى يعني أن ما كان من الألفاظ يعطي قصد الحكاية، ويفهم منه يسمى صوتًا أيضا.
وهذا هو النوع الثالث من التنويع الأول، وهو عند الناظم، مع ما قبله، نوع واحد، لأنه يشبهه في كونه لفظًا غير مرادٍ به معنى من المعاني المرادة في التخاطب، لكن الأول يزيد على هذا بكونه زجرًا أو دعاءً، وهذا ليس كذلك، وإنما المقصود به أن يحكى به صوت ما واقع في الوجود، من حي أو غيره، فالذي من الحي كـ (غاق) في حكاية صوت الغراب، و (شيب) في حكاية صوت مشافر الإبل للشرب قال الشاعر:
تداعين باسم الشيب في متثلم ... جوانبه من بصرةٍ وسلام
و(عيط) في حكاية صوت الفتيان إذا تصايحوا في اللعب. و (طيخ) في حكاية صوت الضحك.