وذلك أن سيبويه أتى بـ (إياك, وإياي, وإياه) في مطلق التمثيل غير مقيد بشذوذ ولا قلة, فقال في "باب التحذير": ومن ذلك قولك: إياك والأسد, وإياي والشر, كأنه قال: إياك فاتقين والأسد, وكأنه قال: إياي لأتقين والشر, فـ (إياك) متقى, و"الأسد والشر" متقيان.

قال: ومثله: إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب.

قال: ومثله: إياك, وإياه, وإياي, كأنه قال: إياك باعد, وإياه, أو نح.

قال وزعم أن بعضهم يقال له: إياك, فيقول: إياي, كأنه قال: إياي أحفظ وأحذر.

فهذه العبارة من سيبويه تشعر بأن تحذير المتكلم والغائب قياس كتحذير المخاطب, والشراح, كالسيرافي وابن خروف, حملوه على ظاهره, ولم يقيدوه إلا بأن التحذير هنا راجع للمخاطب, لا للمتكلم ولا للغائب.

قال السيرافي: ما معناه: إن القائل: إياي والشر, ليس يخاطب به نفسه ولا يأمرها, وإنما يخاطب رجلا, يقول له: إياي باعد عن الشر, فينصب (إياي) بـ (باعد) وما أشبهه, ويحذف حرف الجر من "الشر" ويوقع الفعل المقدر عليه, فيعطفه على الأول, لأن الفعل قد وقع على الأول, قال: ومثله: إياي وأن يحذف أحدكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015