فحمل هذا على الخبر, ولم يحمله على الأمر, بخلاف الأول, وهو إياي وأن يحذف, فإنه حمله على أنه أمر للمخاطب, كأنه [قال]: إياي باعد أيها المخاطب وحذف الأرنب, ولم يأمر نفسه؛ إذ لا يصح ذلك, ولذلك لا يصح إضمار فعل, فهذا عند الناظم شاذ.
والثانية: بيان أن (إيا) المتصلة بهاء الغائب أشذ من (إياي) وذلك قوله: "وإياه أشذ" يعني من (إياي) ".
وذلك أن العلة في منعهما معا واحدة, من حيث كان الأمر والنهي مختصين بالمخاطب, فما جاء على خلاف ذلك نادر شاذ. وإشارته بذلك لما حكى سيبويه عمن لا يتهمه عن الخليل أنه سمع أعرابيا يقول: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وأيا الشواب, أي إياه حذر والشواب, فهو أمر للمخاطب, كما في (إياي).
وهذا المثال شاذ من وجهين: من الوجه الذي أشار إليه الناظم, ومن جهة إضافية (إيا) إلى الظاهر, ولذلك قال في "التسهيل": وشذ "إياه وإيا الشواب" من وجهين.
والثالثة: إخباره بأن هذا الذي ذكر أنه شاذ لا يقاس عليه, ومن قاس عليه فقد أشد عن سبيل جماعة النحويين, وذلك قوله: "وعن سبيل القصد من قاس أشد" أي إن من قال بالقياس فقد خرج عن السبيل القاصد, والطريق المستقيم.
وهذا الكلام قد يشعر بوجود خلاف في هذه المسألة, وهو خلاف لا أتحققه منصوصا عليه إلا ما أذكره لك.