ومن أمثلة الإظهار في هذا النحو قول جرير, أنشده سيبويه:

خل الطريق لمن يبني المنار به ... وابرز ببرزة حيث اضطرك القدر

والقسم الرابع: ما عدا (إيا) إذا صحبه العطف, وهو أحد ما استثنى في قوله: "إلا مع العطف أو التكرار".

واستثناؤه هذا القسم والذي بعده من جواز إظهار الناصب دليل على أنه لا يجوز الإظهار فيهما؛ بل يلزم الاستتار فيما إذا أتيت بالمحذر معطوفا عليه محذر آخر, وذلك قولك: رأسك والحائط, ونفسك والشر, على تقدير: اتق نفسك والشر, أو: باعد نفسك والشر. والعطف هاهنا منزل على العطف مع (إيا) من حيث كان كل واحد منهما محذرا على الجملة, وإن كان المعنى على أن أحدهما محذر, والآخر منه لا على الاشتراك الحقيقي.

فإن قيل: إن هذا الإطلاق يقتضي أن الإضمار هنا لازم مع العطف كيف كان, فيدخل فيه ما تقدم, ويدخل فيه أيضا ما إذا كان المعطوف مشاركا للأول في كونه محذرا, كقولك: الأسد والذئب, أو قولك: رأسك وجنبك, أو قلت: نفسك وغيرك, أو نفسك وولدك, أو ما أشبه ذلك, مما يصلح أن يؤتي بعده بالمتقى منه, فهل يكون هذا مثل ذلك, فليزم الإضمار, أم يكون حكم هذا حكم المفرد, فلا يلزم الإضمار, ويكون إطلاقه مشكلا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015