وأما على التفصيل فالقسم الأول: الإتيان بالأداة المشهورة في التحذير, وهي (إيا) الضمير المنصوب المنفصل, معطوفا عليها, نحو ما مثل به, من قوله: "إياك والشر" فهذا القسم ينتصب فيه (إيا) بفعل واجب الاستتار, تقديره: إياك باعد والشر, أو أياك اتق والشر, أو إياك نح, أو ما كان بهذا المعنى.
ومثل ذلك: إياك والأسد, فالمعطوف والمعطوف عليه معًا ينتصبان بذلك الفعل, كما قاله الناظم, لأن واو العطف شركت بينهما في العامل, وكأن العرب جعلت هنا (إياك) بدل اللفظ بالفعل الناصب, فلا يظهر معه أصلا.
وما مثل به الناظم فيه قيدان معتبران:
أحدهما: تقييد (إيا) بالخطاب, فلا تقول: إياه والأسد, ولا إياي والشر, وسيأتي كلامه على هذا, وإنما يقال: إياك والشر, أو إياكم والشر, وكذلك إيكم, وإياكن. وسيأتي توجيهه عندما ينبه عليه إن شاء الله.
والثاني: تقييد العطف بالواو من بين سائر حروف العطف, فلا تقول: إياك فالشر, ولا إياك ثم الشر, لأن المقصود التحذير من جمع هذين, وليس المراد أن تحذر هذا ثم هذا, ولا أن تحذر هذا فهذا, وإنما القصد أن تحذر هذا من هذا.
فإن قلت: إن العطف يعطي أن كل واحد منهما محذر منه أو محذر, لأن المعطوف شريك المعطوف عليه في معنى العامل, وإذا كان كذلك فلا فرق بين الواو وبين الفاء وثم.