التحذير والإغراء متساويان في الأحكام, وإنما يفترقان في المعنى.
فالإغراء هو الإلزام والتسليط, يقال: أغريت الكلب بالصيد, إذا أرسلته عليه, وحرضته وسلطته.
والتحذير بضد هذا, وهو التخويف من الشيء, والحذر, والحذر: التحرز, يقال: حذر وحذر من الشيء, إذا تحرز منه, وابتدأ الناظم بالتحذير فقال:
إياك والشر ونحوه نصب ... محذر بما استتاره وجب
"إياك والشر" في موضع نصب بـ"نصب" وما في قوله: "بما استتاره وجب" واقعة على الفعل المضمر الناصب لـ"إياك" في مثاله, ولـ"نحوه".
ويعني أن "إياك" إذا عطف عليه, ولا يعطف عليه إلا بالواو خاصة, ينصب هو ما عطف عليه بفعل مستتر لا يظهر أبدًا.
وبيان ما قصد من ذلك أنه أتى في هذين الشطرين وما بعدهما بأقسام خمسة, يتفق الحكم في بعضها, ويختلف في بعضها, وجملتها محمولة على كلامه أنك أتيت بـ (إيا) معطوفا عليها أو غير معطوف عليها, فالفعل لازم الإضمار, وهو الناصب لهما, وإن لم يأت بـ (إيا) فإن لم تعطف ولا كررت فلا يلزم إضمار الفعل؛ بل يجوز الإضمار, وإن عكفت أو كررت فلابد من الإضمار, ولا يجوز الإظهار, وهذا بيان الأقسام على الجملة.