ومن الأمثلة في هذا الفصل قولك: أما أنا فأفعل كذا أيها الرجل, ونحن نفعل كذا أيها القوم وقالوا: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة.
ولما أتى بـ هذا المثال المذكور ظهر أنه أحرز به أشياء:
أحدها: أن المختص واقع بعد ضمير المتكلم لقوله: "ارجونى" فلا يكون بعد ضمير غائب البتة, فلا يقال: زيدا ارجوه أيها الفتى, ولا بعد ظاهر نحو: أكرموا زيدا أيها الفتى, ولا ما كان نحو ذلك.
فإن قلت: فقد حكى سيبويه أو مثل بقولهم: على المضارب الوضيعة أيها البائع, فـ (أيها) اختصاص راجع إلى "المضارب" وهو ظاهر, ولم يأت به على أنه شاذ ولا ضرورة, وإنما أتى به على حسب التمثيل لمطلق الباب:
فالجواب: أن هذا المثال ليس على ظاهره, لأن سيبويه نص بعد ذلك على أن الاختصاص لا يكون للغائب.
قال: ولا يجوز أن تقول: إنهم فعلوا أيتها العصابة, إنما يجوز هذا للمتكلم والمكلم المنادي.
وإذا كان كذلك عنده فقالوا: إنه من وضع الظاهر موضع المضمر, كأنه قال: على الوضيعة أيها البائع. وقيل: إن الرواية: وعلى صارت الوضيعة أيها البائع, أو أيها المضارب.