فمن هاهنا أخبر الناظم أن الاختصاص مثل النداء, نحو ما مثل به من قولهم: ارجوني أيها الفتى, وهو قوله: "كأيها الفتى بإثر ارجوا نوالي".

ومعناه: أيها ارجوني, أى أرجوا نوالي فإني فتى, أي كريم.

والفتوة: السخاء والكرم, يقال: فتى بين الفتوة, وقد فتى, وتفاتى, ووقع "أيها" على ضمير المتكلم في "ارجوني" أي ارجوني أيها الكريم.

وقوله: "دون ياء" لما أخبر أنه مثل النداء أو شبهه توهم أن قائلا يقول: فلابد إذا أن تدخل عليه أداة النداء, وهي (يا) أو غيرها, فأزال التوهم بقوله: "دون" يريد أن حرف النداء لا يدخل على (أيها) فلا يقال: ارجوني يا أيها الفتى.

ومن عادة الإمام إذا شبه شيئا بشيء, وقرب أوجه التشبيه أن يبين أوجه التفرقة, لئلا يتوهم متوهم أنه هو. فالناظم حذا هنا حذوه.

و"يا" في كلامه مثال عبر به عن حرف النداء مطلقا؛ إذ لا يريد أن "يا" وحدها هي الممنوعة الدخول على "أيها" دون غيرها كـ (أيا, وهيا) ونحوهما, وإنما قصده نفي الأداة مطلقا.

وأنما لم تدخل أداة النداء لأنك لا تريد أن تنبه غيرك ليستمع كلامك, لأن (أيها) واقعة على المتكلم, و (يا) لا تكون إلا تنبيها لمخاطب, وهذا تعليل الكتاب, وهو ظاهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015